باطنــــــــــــــــــــــــايا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

باطنــــــــــــــــــــــــايا


 
الرئيسيةالرئيسيهأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 (1) نــأملات في الصـلاة الربـانية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
sabri D. yousif
المشرفين
sabri D. yousif


ذكر
عدد الرسائل : 83
العمر : 76
تاريخ التسجيل : 20/10/2007

(1) نــأملات في الصـلاة الربـانية Empty
مُساهمةموضوع: (1) نــأملات في الصـلاة الربـانية   (1) نــأملات في الصـلاة الربـانية Icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 28, 2007 2:27 pm

نأملات في الصلاة الربانية
" أبانا الذي في السموت "
نشكُركَ يا أبانا السماوي، من أجل فيض النعمة، لأنّكَ لم تترك الحبل على لغارب، حتى نموت موت العار، ونهبط إلى الهاوية السفلى، قصاصا عادلا، بسبب مواقفنا المخجلة المضطربة، وما اقترفناه من معاصٍ. أنتَ لم تخجل منّا البتة، حتى ندعى لكَ أولادا، وأنْ ندعوكَ نحن أبا سماويا. أنتَ لم ترفض الخليقة، التي رفضتكَ عن بكرة أبيها، ورغم ما كان يفوح منا، من رائحة الخطيئة النتنة، فأنتَ سكبتَ رحمتكَ علينا، وغطيتُ عنا العار، لكي نصير أولادا لكَ.
أجل، يبدو أنّ الأمر غير معقول، لكنه الحقيقة بعينها، مثل الشمس في رائعة النهار. لأنّ المبادرة لم تأتِ من أعمال برنا، التي تشبه الخرق البالية، بل أتتْ من لدنكَ أنتَ، الذي تعطي بسخاء ولا تعيّر. فأبصارنا نحن كانت مسمّرة نحو الأرض، التي كللتها الخطيئة بوشاحها القاتم. الأرض التي جبلنا من ترابها، وأصبحنا جزء لا نتجزأ منها. سربلتنا أسمالا مهلهلة، بأوراق التين، التي تكشف عورتنا، وما في أعماق أعماقنا. وأمستْ تسحّ لنا كأس مرارتها.
تلك كانت الحال معنا، سقطنا تحت سنابك الخطيئة، وهي تنشر أجنحة الموت السوداء علينا. وشئنا أم أبينا، كنا أبناء الغضب، أولاد إبليس، كما هو حال الآخرين في يومنا هذا !.
اُشترينا، لا بفضة، ولا بذهب، ولا بأشياء تفنى، بل بدم الابن الذي أعلنَ لنا حقيقة أنّ لنا أبا سماويا، الذي انتشلنا من حمأة الخطيئة، وضرب صفحا عن آثامتا، ومعاصيتا، ونزع عنّا العار، وطهر قلوبنا من الشر، وأنهض أفكارنا من كبواتها. نزع عنا شوكة الخطيئة، وهدم كل الحجارة التي أحكم بناؤها، الشرُ في قلوبنا. فتبنانا الله أولادنا له، وأجلسنا مع أشراف شعبه. هو خلقَ فينا بواعث قوية، بغية أنْ نبغض الشرّ، وننفض عنا غبار الخطيئة، لكي نسلك في النور، وفي اليقيت، بعيدا عن الظلال.
كنا في الكورة البعيدة، نجرّ أذيال الخيبة، نحيا على هامش الحياة، بإرادة شبه مشلولة، عاجزة، وساقطة. نتكسّر مثل أمواج متلاطمة على شواطئ الحياة، ومثل سفينة تحررتْ من مرساتها، تمخر بحارا، ولا تدري إلى أيّ مرفأ تقصد. وقد أصابنا من الهلع والخوف الكثير والكثير. كنّا نرزح تحت طائلة من الألم والحزن، ونتعثر في الظلام. نتخبط في ديجور بلا وعي، لا نعرف بدء النهار من نهايته. كنّا نتعلقُ بخيط الوهم، لأنّه لم يكن يعد في حياتنا هدف أو غاية. كنّا نلهثُ العمر، خلف الأشياء التي لا تغني ولا تنفع، ونتلمس عبثا انْ نأكل الخرنوب، ونرتوي من آبار مشققة لا تضبط ماء.
كنّا مكبلين بقيود الشر والرذيلة والأنانية، نشرب الخطيئة مثل الماء. نعوّج المستقيم. كنّا في أرض العدو، تحت النير، ندور على أعناقنا، في سوق النخاسة.
كنّا هائمين على وجوههنا، لا نلوي على شيء. لكنّ الآب السماوي، وجد نفسه منجذبا إلينا، رغم الحال التي كنا عليها. فهو لم ينعِ علينا السلوك الخاطئ المشين، بل أقامنا من المزبلة، وأظهر لنا خلاف ما كنّا نشعر به أو نظنّه. فهو لم يعطينا القفا، ولم يتركنا للمصير التعيس.
أجل، يحقُ لنا أنْ نتطلع بملء الحرية والثقة والإيمان إلى فوق، إلى العلاء، إلى سماء السموات، حيث عرش الله السني، إلى حيث كرسيكَ يا الله، قائم من الأزل وإلى دور فدور. لنسكب لكَ قلوبنا، ترنينة حمد، وتسبيح، وأنْ نلهج بشفاه طاهرة، لا غشّ فيها، بعبارات الشكر، وكلمات الامتنان، وأنْ نتمتم باسمك، ساعتة شئنا، أناء الليل، وأطراف النهار، فنعبر عن مدى المسرّة، التي لا بعدها مسرّة، وعن الغبطة، التي غمرتنا، وفجّرتْ ينابيع فرح عميقٍ في أعماق قلوبنا، وعن الشرف العظيم، والمنزلة السامية، التي رفعتنا إليها، حيث بات لنا هناك في السموات، ميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل. لأنّ سيرتنا أيضا هي في السموات. أجل أنْ نقض باب خيمتنا، فلنا مسكن في السماء.
شكرا يا أبانا السماوي، على ما منحتنا من امتيازات كبيرة، لم نكن بأيّ حال نستحقها قط، كما ولم تكن نحلم بمثل تلك في أذهاننا. أعطيتنا السلطان، لكي نكون أولادا لكَ، أولادا بكل ما في الكلمة من معنى، وأعطيتنا السلطان لكي ندوس الحيات والعقارب، وقوة العدو.
صبري يوسف
روتردام-هولندا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
(1) نــأملات في الصـلاة الربـانية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
باطنــــــــــــــــــــــــايا :: المنتدى المسيحي :: كتب ودراسات مسيحيه وتفاسير-
انتقل الى: