في الهاويــــة
مجموعة نثرية
إنقطعتْ بكَ السبلُ،
وسيْقَ بكَ إلى الهاوية،
أنتَ مقيد في الهاويةِ.
أنتَ في قبضة الهاوية،
فهل تعلم ما في الهاوية ؟
وما ينتظركَ في الهاوية ؟
وما هو عذاب الهاوية ؟
وزمان الهاوية ؟
تذكّر جيدا أنّكَ ستقضي ليس أيّاما، شهورا، ولا سنين،
أنتَ ستقضي ألفا من السنين،
وسوف لن تختار بنفسكَ ما ينبغي أنْ تفعله.
ليس أمامكَ رفض وقبول،
لأنّكَ لا تملكُ الدنيا من طرفيها.
لنْ تنجو، ولا مهرب لكَ،
ليسَ لكَ الفرار،
فقد أوصد الباب بوجهكَ،
وليستْ هناك ثغرات في السور،
ولا جدران محطّمة،
والموقف لا يتطلب تحركا،
ولا صولات،
ومسلّماتكَ لا تقوى على الصمود.
لن يبزغ نور الفجرِ،
فأنت في قبر لا يرى نورا،
لن ترى شيئا أبعد من أنفكَ،
وعليكَ أنْ تجلس القرفصاء،
أو تضرب الأرض بقدميك،
وتتفجّر في غضب أهوج.
إذ سيستولي عليكَ الأرقُ،
ليسكب في قلبكَ شيئا من الثورة،
من المرارة، والحزن.
لا شكّ أنّه وقت رمادي كئيب،
وقت عصيب،
ووقتُ مخاض عسير،
حيث يستقر الليل، ويضرب أطنابه، فوق مملكنكَ،
فهو قطعة من الفحم الأسود،
ليزرع فيكَ الخوف، والصمت،
حتى تهرب إلى العزلةِ الموحشة القاتلة.
إنّه وقت لكي تنهض بالتذكرة،
أنْ تعيد بطولات الماضي التليد، إلى حاضرك المرير،
بغية أنْ تتحمل الموقف،
بكل صلابة،
وتحصل على بعض التعزية.
وعلى بعض العبر والدروس،
وتدرك حجم المأساةِ،
لتحلّ الرموز قبل أنْ تعلن.
عبثا تفعل وسطَ الصمتِ القاتل،
أنْ تسكبَ دموعا،
أنْ ترثي الذات،
أو أنْ تنتحب.
أنْ تصرخ من جوف الهاوية،
من أسافل الجبال،
من مغاليق الأرض،
إذ لن يُسمعَ صوتكَ في الفضاء،
لأنّ الريح لن تحمله.
تذكّر، تذكّر. . .
أنتَ كنتَ تسرق، على مرأى من القاضي !
وعقابكَ سجن، سجن.
صبري يوسف
روتردام-هولندا
الأربعاء نوفمبر 28, 2007 8:18 pm