سكان آخر قرية في كردستان العراق عند الحدود التركية: الحياة لا تطاق
عمدة دشتتاخ الكلدانية: الأتراك يطلقون قذائف الهاون يوميا.. وأحرقوا مزارعنا
أحد سكان قرية دشتتاخ يطل على الجانب التركي من الحدود، حيث بدا العلم التركي مرسوما عند سفح جبل (أ.ف.ب)
دشتتاخ – أ. ف. ب: يتشبث سكان اخر قرية من قرى كردستان العراق عند الحدود التركية باراضيهم، لكن صبرهم يكاد
ينفد. وقال ميخائيل غوريال مساعد عمدة دشتتاخ ان «الوضع لا يطاق».
وعلى بعد كيلومترين يمكن مشاهدة مواقع الجيش التركي المحصنة المطلة على هذه البلدة الصغيرة، التي يسكنها
مسيحيون كلدانيون، والتي رسم الجيش التركي على منحدر جبلها هلال ونجمة العلم التركي. واوضح غوريال «كل يوم
يطلق الجيش التركي قذائف هاون»، ويشير الى المنطقة غير الآهلة التي تفصل قريته عن الخطوط التركية، وهي
المنطقة الحدودية التي يجري فيها نهر ويضيف، «انها محرمة على الجميع تحت طائلة الموت». واضاف «يقولون انهم
يستهدفون حزب العمال الكردستاني لكن هؤلاء لم يأتوا الى هنا منذ سنة على الاقل»، في اشارة الى متمردي حزب
العمال الكردستاني الذين تريد تركيا القضاء على قواعدهم في شمال العراق.
والقرية الواقعة في سهل تحيط به جبال تعلو قممها مراكز مراقبة تركية، والتي كان عدد سكانها عادة يبلغ 250 نسمة،
خالية تقريبا. وقال مساعد العمدة ان «النساء وكل الاطفال رحلوا الى زاخو (المدينة المجاورة) خوفا من القصف. ولم يبق سوى عشرة او 15 رجلا وعدد قليل جدا من النساء».
وينشط الرجال طول النهار في الحقول، لكنهم يتحصنون في منازلهم ليلا خوفا من القذائف التي قد تفاجئهم في اي وقت.
لكن احد المزارعين اشتكى قائلا: «هذه السنة خسرنا المحاصيل لان نيران الجيش التركي احرقت سهولنا». ومنازل
القرية مجرد مخابئ وضعتها حكومة كردستان العراق الاقليمية تحت تصرف الساكن.
واوضح بترو شليمون المتحدر من جنوب العراق «اننا جميعا لاجئون مسيحيون اتينا من بغداد والبصرة» (جنوب)
مضيفا «هربنا من الارهاب والان يهاجمنا العثمانيون». واضاف ميخائيل غوريال الذي اصيب بجروح خلال الحرب
ضد ايران «هنا منطقة نائية وليس هناك كهرباء ولا غاز. لدينا مولدات كهربائية نشغلها بضع ساعات في اليوم من باب
التوفير». وانتقد بحدة حكومة بغداد المركزية وهو يجلس في منزله، الذي علق على احد جدرانه صورة البابا بنديكتوس
السادس عشر، قائلا «انهم لا يفعلون لنا شيئا لتسوية اوضاعنا امام الاتراك، اكيد انهم يعتقدون ان هنا ليس العراق واننا لسنا عراقيون».
وتعمل نادينا موسى وهي واحدة من النساء الثلاث اللواتي بقين في القرية، في الحديقة امام منزلها. وقالت «اننا جميعا
نخاف الاتراك، لكن اين المفر؟ انها قرية اجدادنا، لقد عدنا اليها مكرهين»، مؤكدة انها لا تتكلم اللغة الكردية. وتعمل مع
الامرأتين الاخريين على توفير الطعام للرجال. وتعرب نادينا عن الامل، اذا تحسن الوضع في هذا السهل الصغير، في
ان تعود النساء والاطفال وان تفتح المدرسة ابوابها من جديد، واذا تحسن الوضع يوما في بغداد سنعود حينها الى هناك.
جريدة الشرق الاوسط