سؤال لا بد أنْ تجيب عليه، سلبا أو إيجابا. والإجابة هي التي تقرر مصيرك في الحياة الأبدية، وأينَ ستقضي تلك الأبدية !
أجل، تستطيع أنتَ، وبشدة أنْ ترفض المسيح، وتزدري بروح النعمة، وتذهب أبعد من ذلك بكثير، فتحتقر المسيح، وتسخر منه، وتسيئ إلى شحصه المبارك. تنغض رأسكَ وتزدري أيّما إزدراء به، وتسخر من تعاليمه، وكل وصاياه، وتلقيها خلف ظهركَ، غير عابئ بها. والنتائج التي تتمخض عن تصرفكَ. غير أنّ هذا الاختيار الصعب، لا يعطيكَ عفوا من جميع ىالتبعات الناجمة. فذلك يعني، أنّكَ سوف تتحمل المسئولية كاملة ولوحدكَ. وعليكَ أنْ تتذكر جيدا، أنّكَ إنسان حاطئ، أثيم، تنوء تحت ثقل الخطيئة والذنوب، وأنّ عليكَ إنْ أنتَ طلبتَ الخلاص والانعتاق من نير العبودية، أنْ تزيح عنكَ ذلك الوزر الثقيل، وتطرحه جانبا، لأنّكَ لا تقدر أنْ تدخل السماء، حيث العرش الإلهي البهي، على الحالة المزرية التي عليها أنتَ الآن. فأنتَ محكوم عليكَ. أنتَ مدان، بسبب الشرور والآثام التي اقترفتها، جهارا نهارا عن قصد، أو دون قصد. وقصاصكَ عن خطاياكَ ليس أقل من الهلاك الأبدي في بحيرة النار والكبريت. وتذكر أنّه مخيف هو الوقوع بين يدي الله، لأنّه نار آكلة.
يقول الكتاب المقدس: " الجميع أخطئوا وأعوزهم مجد الله ". فهل تدرك يقينا حقيقة أنّكَ إنسان خاطئ ؟ كما يتحدث الكتاب المقدس عن الويل الذي تحمله الخطيئة على الخاطئ، إذ يقول الكتاب: " إنّ أجرة الخطية هي الموت ". وبسبب الخطيئة، فالإنسان الخاطئ حكم عليه بالموت، فالخاطئ يموت، هو لن يموت جسديا، لكنه يموت أيضا روحيا. كما وإنّ الإنسان ميت روحيا عندما ينفصل عن الله نتيجة لخطاياه.
ولهذا السبب، يتحدث الكتاب المقدس عن السماء التي هي بيت وعرش الله، وعن بحيرة النار والكبريت، التي هي نار جهنم، وهذان المكانان منفصلان، أحدهما عن الآخر.
ماذا يجعل الإنسان ميتا روحيا، أو مخلّصا ؟ ما الذي يجعل الإنسان يدخل إلى السماء، في حين يذهب إنسان آخر ليقضي الأبدية في عذاب نار جهنم ؟
إنّ أجرة الخطية هي الموت الروحي، وبالتالي الموت الأبدي ! واعلم أنّه ليس لأي إنسان من الجنس البشري، ولا للأنبياء القديسين، ولا للملائكة الأطهار، ولا لأيّة خليقة أخرى، مهما سمت، ليس لها القدرة حتى تمدّ لكَي يد العون في حينه، وتخلصكَ من ذلك المصير التعيس المشؤوم المحتوم. فقط من خلال نعمة المسيخ، تنال الحياة الأبدية لا غير.
يقول السيد المسيح: " أنا هو الطريق والحق والحياة، لا أحد يأتي إلى الآب إلا بي ".
نعم، قد تقضي كل أيّام حياتكَ على الأرض، في حياة مستقيمة لا غبار عليها، منكبا على عمل الخير، وأعمال البر والتقوى، غير أنّ هذا أيضا لن يجدي فتيلا. فالمبدأ القائل ( اعمل تخلص) مبدأ خاطئ. كذلك سلوككَ اللطيف المتسم بالتواضع والنبل. لن تقدر كل هذه مجتمعة أنْ تغير سيئا ما قيد أنملة، من الدينونة الرهيبة التي أنتَ مقبل عليها طواعية، وبمحض إرادتكَ أنتَ لا غير.
أنتَ دون المسيح، غصن يابس، وعاجز كل العجز من أنْ تفعل شيئا لكي تمضي في طريق العلاء. أنتَ لا تستطيع أنْ تكفّر عن سيئاتكَ الكثيرة، حتى تدخل السماء طاهرا نقيا، من غير دنس ولا خطيئة. فالرأي المنهرئ القائل، الحسنات تذهب بالسيئات، رأي فاسد، أكل عليه الدهر وشرب، لأنّ الخلاص هو بالنعمة، وليس بالأعمال. فطريق السماء، يبدأ وينتهي بالمسيح فقط.
يقول الكتاب المقدس: " وليس بأحد غيره الخلاص، لأنّه ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطي بين الناس، به ينبغي أنْ نخلص ".
المسيح هو وحده فقط، الذي دفع عنكَ دمه الطاهر ثمن شرّكَ وكل تعدياتكَ، من فوق عود الصليب. فقط المسيح، يقدر أنْ يخلص إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله. هو وحده يقدر أنْ يزيل عنكَ عار السنين، يزيل عيوب ماضيكَ وعيوب حاضركَ وفي الحال، بما فيه من أدران ونجاسات، وحماقات. هو أيضا يقدر أنْ يمنحكَ الطمأنينة والسلام الذي يفةق كل عثل. هو يقدر أنْ يمنحكَ ذهنا متجددا لتعرف مشيئة الله الصالحة المرضية الكاملة. أنْ يوقظ ضميركَ من السبات العميق، ويمنحكَ ضميرا صالحا، ينسجم مع الكلمة المقدسة، ومع الوصابا، لا يشتكي عليكَ البتة. هو يستطيع أنْ يحرركَ من كل قيد، وينتزع حياتكَ من مملكة الظلمة، التي تفغر فاها لتبتلعكَ.
لن تختبر الحياة الجديدة، ما لم يسود المسيح على حياتكَ، ويعمل من خلال روحه القدوس، لكي يخلق فيكَ قلبا نقيا جديدا، قلبا لحميا، بعد أنْ ينزع عنكَ القلب الحجري. ذلك لن يتم فقط، إلا على أساس الإيمان بشخص المسيح، والاعتراف به، ربا ومسيحا، وقبوله لحياتكَ مخلصا شخصيا.
صبري يوسف
روتردام - هولندا