الحمدانية: 2007-12-25 لم تكن تعرف أم رامي (35 عاما) أنها ستقضي عيد ميلاد رأس السنة للعام الثاني بعيدا عن أهلها في الموصل والتي اعتادت أن تؤدي قداس العيد في كنيسة مريم في الكرادة في العاصمة العراقية بغداد والتي أذرفت دموع الفرح والألم على حد سواء دموع أفراح بعيد ميلاد رأس السنة ودموع الألم والحزن لفراقها لأخيها الذي قتل بنيران الإرهاب بالإضافة إلى بعدها عن أهلها والتي تمنت وتذرعت إلى الله أن تعود إلى أهلها وذويها بسلام. قداس هذا العام الذي أقامه مسيحيو الموصل بعيدا عن المدينة في منطقة آمنة في قضاء الحمدانية 30 كم شرقي الموصل بعيدا عن العبوات الناسفة والعجلات المفخخة حيث تجمع مسيحيو الموصل في كنيسة الطاهرة الكبرى والتي تجمع فيها آلاف المصلين من الذين تجمعوا لأداء قداس عيد الميلاد المجيد لرأس السنة الميلادية لولادة السيد المسيح. الأب اندراوس حبش قال انه رغم الظروف الأمنية السيئة التي يمر بها العراقي، فقدان السلام والأمن، إلا أن بلدتنا تعيش السلام والأمان على الرغم من أن هناك هاجس خوف يحيط بنا خوفا من حدوث عملية إرهابية قد تستهدف بلدتنا لكننا أجرينا تحوطات أمنية من قبل الشرطة ورجال الحراسات كما أن بلدة الحمدانية لديها خصوصية تاريخية من العادات والتقاليد الدينية وهذا ما جعل المنطقة تمتاز بعلاقات متجذرة مع كل الأطياف من المسلمين والقوميات الأخرى وهذا القداس ضم أكثر من 5000 مصل توافدوا إلى الكنيسة لأداء القداس ولدينا أكثر من 1000 عائلة نازحة من باقي المدن العراقية وهم من المسيحيين الكلدان حيث هيأنا لهم كنيسة خاصة لإقامة قداس لهم لان منطقة الحمدانية اغلبها من السريان واغلب النازحين من الكلدان حيث أقاموا قداسهم في كنيسة مار يعقوب. قبل أقامة القداس جرت مراسيم اعتادت كنيسة الطاهرة أن تقيمها وهي إجراء استعراض لكراديس في زي موحد حيث تقرع الطبول وتقوم الكراديس باستعراض في مسيرة داخل باحة الكنيسة بعدها أوقدت الشعلة التي تجمهر حولها آلاف المصلين ليتباركوا بالرماد بعد خمود نيران الشعلة. في هذا اليوم وقبل أكثر من 2000 عام ولد السيد المسيح والتي يقيم المسيحيون قداسهم في هذه المنا سبة حيث حمل الأب شربيل عيسو رئيس الكهنة في كنيسة الطاهرة، الطفل يسوع وهي عبارة عن لعبة تتجسد بطفل صغير يمثل طفل المسيح وتجول به داخل الكنيسة لبث بمجيئه المبارك نعمة السماء على جميع الحاضرين وتلا الأب شربيل كلمات من إنجيل يوحنا وتلا صلاة دعا من خلالها تآلف وتراحم العراقيين فيما بينهم والتكاتف ضد الهجمة التي يتعرض لها العراقيون من قوى الشر والإرهاب. كما تذرع في صلاته إلى الرب أن يحفظ جميع العراقيين وان ينشر السلام والمحبة والفرح في العالم اجمع ودعا من خلال صلاته أن يكف الجميع عن نزاع الحضارات وان يلجأوا إلى حوار الحضارات وتمنى أن تحل كل الحروب والمشاكل التي يمر بها العراق والعالم اجمع. ودعا الأب لويس القصاب أهل بلدة الحمدانية من المسيحيين ان يتمسكوا بأرضهم وان لا يتركوها لغير أهلها وقال إن بلدة بخديدا في قضاء الحمدانية بلدة عريقة وتاريخية وهم الذين شاركوا ببنائها وتشيد كنائسها منذ آلاف السنين وان المدينة قدمت أكثر من 350 شهيدا راحوا ضحية أعمال العنف، كما دعا لويس كل المهاجرين الشباب الذين تركوا مدنهم من المسيحيين بالعودة إلى ديارهم لان ديارهم بحاجة إليهم وأضاف: إننا لا نحتاج إلى جدران عازلة ولكننا نحتاج إلى جسور من المحبة فيما بيننا على حد قوله. وأضاف أن الاحتفالات غير كافية ما لم نتصالح ونتصارح فيما بيننا وتمنى أن يكون العام عام خير ومحبة وسلام ووئام وقد وزع الأب لويس وبعد انتهاء القداس قطعا صغيرة من الخبز لكل المصلين ممن شاركوا في القداس وهي قربان ورمز لجسد المسيح عيسى. ويرى سلوان ميخا (36 عاما) من أهالي منطقة الحمدانية أن العيد لا تتحقق افراحه إلا بحلول الأمن والسلام وهذا ما نعانيه نحن في العراق، لقد دعوت من خلال القداس الذي أديته أن يعم السلام في أرجاء المعمورة وان يعيش العراقيون بأمن وسلام وتمنيت أن يزاح هذا الكابوس عن العراق. ويضيف المواطن متي بولص 42 عاما، من المهجرين من بغداد: لقد اعتدت كل عام أن احضر القداس واصلي في حينا في بغداد الحبيبة لكن الظروف حالت دون ذلك كان لي أمل أنا وعائلتي أن نعود هذا العام إلى بغداد لكن انفجار السيارات المفخخة في الكرادة وسط بغداد لم تبشرنا ببادرة خير للعودة إلى منطقة سكنانا التي تربينا وتعودنا عليها منذ صغرنا أتمنى أن يعم الأمن والآمان وان ينعم الجميع بالخير والسلام وهذه أمنية يردها كل عراقي. أما بابا نوئيل الذي جاب شوارع مدينة الحمدانية وهو يوزع الهدايا على الأطفال فقال: لقد اعتدنا كل عام أن نقوم بتوزيع عدد كبير من الهدايا للأطفال الصغار والتي تدخل الفرحة والبهجة في قلوبهم وعلى الرغم من قساوة الطقس وبرودته إلا أننا اصررنا أن نقيم نفس المراسيم التي اعتدنا أن نقيمها كل عام وهي توزيع الهدايا على الأطفال من خلال رميها على الدور في البلدة. وفي صباح اليوم 25/12 قرعت نواقيس الكنائس وتوجه مئات المصلين لأداء صلات العيد مبشرين بولادة السيد المسيح والبهجة والفرحة لا تكاد تفارق شفاههم. ويختتم القول الكاتب والصحفي الدكتور بهنام عطا الله أن كنيسة الطاهرة الكبرى تعتبر من اكبر الكنائس في الشرق الأوسط والتي شيدت من قبل أهالي ناحية قره قوش في ثلاثينيات القرن الماضي وشيدت عام 1947 حيث شيدها أهالي المنطقة من مادة الحجر والجص والأموال لتي خصصت لبناء الكنيسة هي أموال جمعت من أهالي المنطقة، ويضيف الدكتور بهنام أن اسم البلدة الرئيسي هو بخديدا ومعناها بيت الاله وهي كلمة آرامية والاسم المتداول هو بغديدي وللبلدة أكثر من 35 اسما وتدعى أيضا بلدة قره قوش وهي كلمة تركية معناها الطائر الأسود وهي اسم اطلق عليها العثمانيون خلال احتلاهم للعراق وتحتوي البلدة على 8 كنائس وديرين. |