الأب سالم ساكا , كاهن غـني عـن التعـريف , فهو معـروف بين أوساط الكهنة والعـلمانيين , الشاب الذي خرج من قرية باطناية ليصبح أول كاهن عـراقي يحصل على الدكتوراه في القانون الكنسي . له عـدة مؤلفات فلسفية وقانونية أغنت مكتبتنا الكنسية واستفاد منها الكثير لأنها تعـالج مواضيع حساسة تخص الزواج المسيحي الذي هو أحد أسرار الكنيسة المقدسة والذي اهتم بها كثيرا الرب يسوع المسيح ( له المجد ) والرسول العـظيم بولس . خدم الأب سالم في كثير من كنائس العـراق وترك انطباعـا جيدا لدى المؤمنين في المناطق التي خدم بها لما يمتلك من الأخلاق الحميدة وسلاسة في التعـامل مع المؤمنين بمختلف ثقافاثهم فهو كبيرا بين الكبار وصغـيرا بين الصغـار وعـظيما بين العـظماء , وحاليا هو القاضي العـادل في المحكمة الكنسية للنظر ببطلان الزواج .
هل للأب سالم أن يتحدث قليلا عـن حياته قبل الكهنوت ؟
الأب سالم : - اسمي سالم موشي حنا ساكا ( الأب سالم ساكا ) من مواليد باطنايا 1960 , دخلت المدرسة الابتدائية في نفس القرية واكملتها في سنة 1971 – 1972 . خلالها كنت أتردد الى الدورات الصيفية التي كانت تقوم في كنيسة القرية , فيها تثقفت بالمبادئ الأساسية للديانة المسيحية وتعـلمت جيدا اللغـة الكلدانية قراءة وكتابة وترجمة .
ونبذة عـن عـن حياتك الكهنوتية , أبونا ؟
الأب سالم : - شعـرت برغـبتي لاصبح كاهنا , وهذا كان , وبإمكاني ان اقول كان هذا مخالفا لرغـبات اهلي , ليس لانهم ضد الكهنة او الكنيسة , اذ عـائلتي وكما هو معـروف عـنها بانها تقية جدا ومحبة للكنيسة وهي من العـوائل التي تقوم بتنشيط فعـالياتها واحد أشقائي هو من الشمامسة المعـروفين في القرية . لكن السبب كان لئلا ادخل في معـهد الكهنة ومن ثم اتركه ويحكى عـنا الناس سوءا .
لكني اصريت ان أحقق أمنيتي وفعـلا دخلت معـهد الكهنة سنة 1972 – 1973 حيث أكملت الدراسة المتوسطة والاعـدادية في بغـداد . ومن ثم أكملت دراستي الفلسفية والاهوتية وقبلت الرسامة الكهنوتية في 5 / 12 / 1982 على يد المثلث الرحمات البطريرك مار بولس الثاني شيخو في كنيسة ام الاحزان في بغـداد
في أي المناطق والكنائس أديت خدمتك الراعـوية ؟
الأب سالم : - بعـد قبولي الرسامة الكهنوتية بقيت سنة في بغـداد في مقر البطريركية وبنفس الوقت كنت اقوم بخدمة النفوس في كنيسة القديسة ترازيا في منطقة السنك . بعـدها التحقت بالخدمة العـسكرية في الموصل وبعـد ان أنهيت ذلك تم تعـييني لخدمة النفوس في مركز أبرشية القوش ومكثت فيها ما يقارب الثلاث سنوات وكان لي فيها فعـاليات كثيرة ونشاطات مختلفة وخاصة مع الشباب .
بعـد ذلك تم نقلي الى مسقط رأسي ( باطنايا ) وفيها عـملت ما يقارب الخمس سنوات وكانت خدمتي فيها مركزة اكثر للشباب من كلا الجنسين ولمختلف الأعمار . والقيت خلالها محاضرات كنسية كثيرة كما ألقيت محاضرات أخرى في قريت تللسقف وخاصة للجامعـيين من الطلبة والخريجين . بعـد عـودتي الى العـراق من الدراسة العـليا تم تعـييني معـاون عـميد كلية بابل للفلسفة والاهوت كأستاذ القانون فيها من قبل المثلث الرحمات البطريرك مار روفائيل الاول بيداويد ولا زلت مستمرا في كلتا الوظيفتين , عـلاوة على ذلك تم تعـييني قاضيا في محكمة بداءة بغـداد الكنسية الموحدة وراعـيا لخورنه مار يعـقوب أسقف نصيبين ( منطقة الميكانيك ) . أما الان فآنا راعـي لكنيسة مار توما الرسول ( النعـيرية
المعـروف عـنك أبونا انك حصلت على شهادات عـليا , اين كانت دراستك وما هي الشهادات التي حصلت عـليها ؟
الأب سالم : - تركت مسقط رأسي بعـد أن حصلت على قبول في المعـهد الشرقي في روما عـن طريق المجمع الشرقي , عـليه سافرت الى ايطاليا عـام 1993 للدراسات العـليا ودرست القانون الكنسي الذي أصدره السعـيد الذكر البابا يوحنا بولس الثاني عـام 1990 والذي دخل حيز التطبيق عـام 1991 . حصلت على شهادة الماجستير عـام 1985 ثم أكملت الدراسة للحصول على شهادة الدكتوراه وكان ذلك في 18 / 11 / 1997 . لذا اعـتبر أول كاهن عـراقي يحصل على هذه الشهادة وهذا الاختصاص
المعـروف انك تحتل مركزا في المحكمة الدينية للنظر بطلبات بطلان الزواج , وأنت جدير بهذه المهمة , هل لك ان تذكر نبذة عـن هذه المحكمة , تأسيسها , عـدد أعضاءها , القوانين التي تستند إليها في إصدار أحكامها , آية أمور أخرى تخص المحكمة ؟
الأب سالم : - أنا اليوم اعـمل مع اخوتي الكهنة رئيسا للمحكمة التي تم تأسيسها من قبل المثلث الرحمات البطريرك مار روفائيل الأول بيداويد عـام 1991 استنادا الى مجموعـة قوانين الكنائس الشرقية الجديدة التي تفرض تأسيس المحاكم الكنسية في كل أبرشية او عـدة ابرشيات مشتركة او أي كنسية بطريركية . .يعـمل في المحكمة ما لا يقل عـن ثلاثة قضاة مع محامي عـن الوثائق زائدا مسجل ومبلغ بالاضافة الى رئيس المحكمة الذي يعـمل قاضيا ايضا .
من الطبيعـي ان أقول بان عـاملي المحكمة يجب ان يكونوا حاصلين على شهادات عـليا في القانون او اقله لهم خبرة فيه ويتم تعـيينهم بموافقة السلطات الكنسية العـليا ومن قبل محكمة الفاتيكان .
كم دعـوة بتت فيها المحكمة وكم عـدد الدعاوى الأخرى لديكم ؟
الأب سالم : - في السنوات الأخيرة , أقولها وبأسف شديد , بان عـدد الدعاوى المرفوعـة أمام المحاكم الكنسية بدا يتزايد . لكن الملاحظة التي اريد ان يدركها الذين يرفعـون دعـواهم الى المحاكم الكنسية بان ليس كل من يرفع قضيته أمام المحكمة سوف يحصل على ما يريد , خاصة إذا دفع الرسوم , لان الكثير يعـتقد بانه بدفع الرسوم سوف يحصل على ما يريد .
من المعـلوم بان المحاكم الكنسية تدرس فقط الدعاوى الخاصة بالزواج , الزواج الذي تريده الكنيسة ان يعـكس العـلاقة المتبادلة بين الله والشعـب , المسيح والكنيسة , على الزوجان ان يعـيشا حبهما بكل أمانة واخلاص واستمرارية وهذا من غـير الممكن اذا لم يكن بينهما التسامح والغـفران والتفاهم المشترك .ان اسباب الخلافات التي من الممكن ان تحدث بين طرفي الزواج كثيرة لكن يمكن تلخيصها بالنقاط التالية :
1 – التباين في مستوى الايمان بين الطرفين .
2 – التباين الاجتماعـي .
3 – التباين في العـمر .
4 – النظرة غـير الواعـية بما يخص الزواج نفسه وأهدافه .
5 – النظرة المادية لخواص الزواج الأساسية .
6 – الجهل بكل جوانب الحياة وخاصة الجانب الديني والاجتماعـي المنتشر بين شباب اليوم .
7 – اخذ الحياة وعـيشها بطريقة سطحية , لا بل أحيانا الاستخفاف بقيمة الحياة وكرامة الإنسان .
8 - النظر الى الزواج وكانه ظاهرة اجتماعـية ليس الا وفصله من الأيمان .
9 – نكران الزواج على انه دعـوة إلهية مثل الدعـوات الكهنوتية , وهو طريق آخر يؤدي الى القداسة لمن يختار هذه الحالة , اعـني الحياة الزوجية
يقول الرب ( من طلق امرأته فقد زنى ) , كيف تصدرون أحكام بطلان الزواج إذن ؟ يرجى توضيح ذلك .
الأب سالم : - تعـليم الكنيسة الرسمي يقول بعـدم جواز الطلاق .اعـني ان الكنيسة تعـلم أبناءها بان الزواج المحتفل به طريقة صحيحة لا يمكن حله أيمانا منها بان ما جمعـه الله لا يجب على الإنسان ان يفرقه . هذه هي القاعـدة التي على جميع المؤمنين الالتزام بها وعـيشها حقا , لكن ولان الكنيسة أم تحب أبناءها أولا ولان في الزواج المسيحي جانب من العـقد ثانيا بالإضافة الى جوانب أخرى كالاهوتية والروحية والاجتماعـية , عـليه في حالة وجود عـيب او خلل او عـندما الشروط القانونية لم تستوفى بصورة كاملة , في هذه الحالة تقوم المحاكم الكنسية المختصة بدراسة القضية وتعـطي رأيها فيها . ولذلك في حالة إثبات بان أحد العـناصر القانونية الأساسية لم يكن قد استوفي فان قرار المحكمة يكون في صالح ( بطلان الزواج ) اعـني ان هذا الزواج لم يكن أصلا صحيحا من الناحية القانونية . إذن لنبعـد عـن لغـتنا المصطلح المتداول خطا (( الطلاق )) الذي لا يوجد عـندنا , بل بطلان زواج . والأسباب القانونية بإمكانها ان توجد قبل الزواج او أثناءها وخاصة بما يخص رتبة الزواج , وبعـد الزواج ايضا .
في كل قضية بطلان زواج تكونون انتم أعضاء المحكمة أمام خيارين –الالتزام بمبادئ الإنجيل المقدس والرحمة بالمؤمنين – كيف توفقون ما بين الاثنين ؟
الأب سالم : - ان رسالة المحكمة وهدفها اولا هو ايجاد الصلح بين طرفي الدعـوى , لذلك واستنادا الى قوانينها , على القاضي ان يبحث ويجد خلال دراسته للقضية على طرق للمصالحة بين الأطراف . كما لا ننسى بان من موظفي المحكمة هناك المحامي عـن الوثائق الذي عـمله الأساسي حماية السر والدفاع عـنه .
إذن الراعـوي والخط القانوني \يسيران معـا في إجراءات المحكمة لكن في النهاية إذا فشلت المحكمة في مساعـيها الراعـوية للمصالحة بين الطرفين يبقى الجانب القانوني لحل القضية , وفي حالة وجود عـيب قانوني في حالة زواج ما عـندئذ المحكمة تصدر قرارها المناسب ولا يهمها طلب او رغـبة المتداعـين حتى لو كانت متناقضة مع قرارها
المعـروف عـن الأب سالم بكتاباته في كثير من المجلات والمطبوعـات , كما لديكم عـدد من المؤلفات , نرجوا منكم التحدث عنها
الأب سالم : -نعـم , أنا اكتب في اغـلب المجلات المسيحية ومنها نجم المشرق , الفكر المسيحي , ربنوثا ومجلة الزنبقة حيث لي مقالات عـديدة فيها , ولا ننسى بأنه لي باب خاص تحت عنوان ( سؤال من الحق القانوني ) في مجلة الفكر المسيحي التي يصدرها الآباء الدومنيكان في بغـداد .
أما المؤلفات فلي الكتب التالية : -
1 – التهيئة للزواج وشرعـية الاحتفال به , وهو من منشورات كلية بابل للفلسفة والاهوت .
2 – العـجز النفساني والزواج المسيحي , من منشورات كنيسة مار كوركيس / بغـداد .
3 – س . ج في القانون الكنسي , من منشورات مركز جبرائيل دنبو للرهبنة الهرمزدية الكلدانية .
4 – دليل الى الزواج المسيحي , من منشورات كلية بابل للفلسفة اللاهوت .
وقريبا جدا سوف تصدر لي ثلاثة كتب أخرى وهما : -
1 – الأسرار في مجموعـة قوانين الكنائس الشرقية .
2 – أنا . . . أنت والحب .
3 – كتاب إدارة أموال الكنيسة .
وجميعـها تنشر من قبل مركز جبرائيل دنبو للرهبنة الهرمزدية الكلدانية
الاب سالم ساكا واخيه الشماس باسم ساكا
شكرا والف شكر لك أبونا , متمنين لك الصحة والرب يمنحك القوة لخدمة أبناء شعـبنا , ليباركك الرب يسوع ( له المجد )